بمناسبة القدس عاصمة الثقافة العربية

القدس ـ محاسن أصرف: على مدار 42 عاماً واجهت مدينة القدس عمليات تهويد وتهجير ضاقت بها صدور الفلسطينيين إلا أنهم لم ينفكوا عن المواجهة لتلك المخططات محافظين على الهوية العربية الإسلامية للمدينة المقدسة، ومعها استمرت دولة الاحتلال في ابتداع ممارسات جديدة لتهويد المدينة بدءً من الاستيلاء على الأراضي وإثقال كاهل المقدسيين بالضرائب وعدم السماح بتجديد البيوت القديمة وتوسيعها عمودياً ببناء الطوابق أو حتى إصدار رخص البناء مروراً بالجدار وخنق الفلسطينيين في حدود القدس القديمة بالتوازي مع توسيع حدود القدس الغربية بصورة قسرية الأمر الذي يُميع الهوية المقدسية ويأذن بسحب الهويات من السكان الأصليين وترحيلهم من حدود القدس لتحقق دولة الاحتلال حلم القدس الكبرى..
فبينما يستعد أهالي القدس للاحتفال بالمدينة لأن تكون عاصمة الثقافة العربية لعام 2009، تسعى دولة الاحتلال لتكثيف مخططاتها لتهويد المدينة وترحيلها أهلها الأصليين بهدم منازلهم وإقصائهم في مناطق أبعد تُميع هويتهم من جهة وتسهم في سحبها منهم بسهولة، ويبقى السؤال القائم في ظل المخططات المتلاحقة هل سيبقى من عاصمة الثقافة العربية شيء عربي؟!
"لها أون لاين" في التقرير التالي يعرض سلسلة الاعتداءات الصهيونية على المدينة المقدسة التي كان آخرها مخططات تهويد حي سلوان الواصل من المنطقة الجنوبية بالمسجد الأقصى، تابع معنا.

حي البستان في منطقة سلوان الملاصق للسور الجنوبي للمسجد الأقصى، كان واحداً من أحياء مدينة القدس الذي واجه ممارسات التهويد والترحيل فالحكومة الصهيونية أصدرت قراراتها بهدم 88 منزلاً وتشريد أكثر من 1500 مقدسياً، ورغم ذلك فالحي وسكانه ما زال صامداً أمام المخططات التهويدية يناجي عالماً عربياً وإسلامياً أن يهب لصد المساعي الصهيونية الهدم الحي وتحويله إلى حديقة عامة استكمالاً للحدائق القائمة والتي تقدم خدماتها للمستوطنين الذين يواصلون الحفريات أسفل حي سلوان بأكمله.
أم خالد منزلها واحداً من ثمان وثمانين منزلاً في حي البستان بمنطقة سلوان مهددين بالهدم في غضون أيام وهي وأسرتها بعضاً من 1500 مقدسي سيشردون إلى العراء أو إلى أراضٍ بديلة إن وافقوا على المقايضة بحقهم في الأرض والهوية المقدسية، أمام منزلها وقفت تبكي تستغيث وتناشد بعلو الصوت علَّ أحداً يجيب ندائها، لكن ما من مجيب.
المرأة التي رحل عنها الزوج مدى الحياة أسيراً خلف قضبان القهر الصهيوني ستصبح بلا مأوى بعد هدم منزلها، تساءلت على الملأ أين المأوى والملاذ؟ ولا إجابة تشفي الصدر وتنزع من القلب الألم، تقول:"الحجة الدائمة لدى إسرائيل لهدم منازلنا هنا في القدس البناء بدون ترخيص" وتستطرد:"كلما حاولنا الحصول على تراخيص ترفض بلدية الاحتلال منحنا إياها بتعقيد الإجراءات ونضطر للبناء بدون ترخيص وتكون النهاية التهديد بالهدم" لافتة إلى أن البلدية حاولت - وما زالت تحاول- إقناع الأهالي بالانتقال من الحي بشكل طوعي مقابل التعويض بأراض بديلة وذلك بعد أن استولت على مئات المباني وهدم عشرات أخرى في الحي إلا أن الأهالي يرفضون الانتقال مما يصعد إجراءات البلدية في القمع والتنكيل واقتلاع الأهالي من منازلهم، وتشير السيدة أن تلك ممارسات تبتدعها دولة إسرائيل من أجل إفراغ المدينة المقدسة من سكانها الأصليين تمهيداً للاستيلاء عليها ومن ثم تهويدها، حسبي الله ونعم الوكيل.
مواقف على هامش التنديد
استغاثة أم خالد لم تكن إلا واحدة من آلاف الاستغاثات التي تعالى صداها ولم تصل إلى أحد ولم يتحرك لها ساكن إلا بتصريحات من هنا وهناك تندد وتشجب وتستنكر فقط دون أن ترتقي إلى حيز التطبيق والتنفيذ.
اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار بالقدس كانت أول المدينين لمخططات الاحتلال بإفراغ المدينة من أهلها عبر سياسة هدم البيوت وإجلاء السكان إلى أراض بديلة خارج حدود المدينة المقدسة، قالت في بيان لها أن المخططات التي تسعها دولة الاحتلال إلى تنفيذها ما هي إلا جزء من المخطط الكبير لحرمان سكان القدس الأصليين - خاصة في حي سلوان ومخيم شعفاط شمالي القدس المحتلة الذي يواجه مؤخراً قراراً بهدم 55 منزلاً- من حقوقهم المشروعة في الحياة بحرية وكرامة داخل أروقة مدينتهم، وفي خطوة أكبر من الإدانة اللفظية تقترب من الاحتجاج التنفيذي أشارت اللجنة إلى أنها ستقيم خيمة اعتصام في منطقة رأس خميس بمخيم شعفاط تعلن خلالها تضامنها الكلي مع الأهالي المهددة بيوتهم بالهدم وترفع راية احتجاجها على سياسة الاحتلال العنصرية بحق المقدسيين هناك.
فيما دعت كتلة الصحفي الفلسطيني إلى ضرورة تسليط الضوء على ممارسات الاحتلال ضد المقدسيين والمدينة المقدسة أكملها من خلال وسائل الإعلام المختلفة المرئية والمسموعة والمقروءة علَّها تسهم في إيجاد هبة عربية وإسلامية تحمي القدس من مخططات التهويد التي تتزايد يوماً بعد يوم.
وأشارت الكتلة في بيان لها إلى ضرورة تفاعل الصحفي الفلسطيني خاصة والصحافيين العرب والمسلمين عامة مع قضية القدس وإبرازها في وسائل الإعلام المختلفة لفضح ممارسات الاحتلال العنصرية وتعرية جرائمه أمام العالم مقابل إبراز الصمود الفلسطيني والمعاناة التي يتكبدها المقدسيين داعية إلى ضرورة التعمق في تناول أحداث المدينة المقدسة عبر التقارير الإخبارية والتحقيقات والبرامج التلفزيونية والأفلام الوثائقية التي توثق الحق الفلسطيني والتاريخي بالمدينة المقدسة وتسلسل عمليات تهويدها منذ احتلالها في العام1967، ولفتت الكتلة إلى ضرورة أن تبقى القدس حاضرة في ضمير ووجدان كل عربي ومسلم لا سيما المفكرين والمثقفين والأدباء والشعراء القادرين على تشكيل وعي وثقافة الأمة العربية والإسلامية على حد تعبير البيان.
أنفاق جديدة وهدم متجدد
النداءات بوقف الهدم والتنديدات بممارسات الاحتلال العنصرية بحق أهالي القدس الأصليين لم تردع دولة الاحتلال عن مواصلة حفرياتها ومخططاتها لتهويد المدينة المقدسة فقد كشفت اليوم مؤسسة الأقصى للوقف والتراث أن دولة الاحتلال تخطط لحفر نفقين جديدين يربطا حي الشرف في البلدة القديمة بمدينة القدس المحتلة بساحة البراق غرب المسجد الأقصى لإحكام تهويد المنطقة وتهجير ما تبقى من أهلها وسكانها، وأوضحت المؤسسة أن طول النفق الأول يبلغ 56 متراً والآخر 22 متراً، وأضافت أن المؤسسة الصهيونية تعكف حالياً على تركيب مصعد كهربائي في النفق العمودي وممر كهربائي في النفق الأفقي ليتم تسهيل وصول الصهاينة والسياح الأجانب من حي الشرف إلى حائط البراق والمسجد الأقصى ما من شأنه تكثيف السيطرة اليهودية على المعالم الإسلامية هناك وقدرت المؤسسة كلفة المخطط الصهيوني الأخير ب2.5 مليون دولار تنفقها بلدية الاحتلال في القدس وشركة ترميم وتطوير الحي اليهودي وسلطة الآثار ومؤسسة التأمين الوطني بتمويل من شخصية يهودية تدعى باروخ كلاين.
وفي ذات إطار التهويد والتهجير أكد حاتم عبد القادر مستشار رئيس الوزراء لشئون القدس أن بلدية الاحتلال أصدرت قرارات إدارية بهدم 55 منزلاً آخر في منطقة رأس خميس شمال غرب مخيم شعفاط وسط مدينة القدس المحتلة متذرعة كالعادة بأن تلك المنازل بنيت بدون ترخيص.

يسلمووووووووووووووووووووو

» من فلسطين الى القدس نكتبها رسالة